ماهي الكتابة العلاجية، وماهي فوائدها؟


امرأة تمارس الكتابة العلاجية



يتحدث كتاب الكتابة العلاجية عن الكتابة والتدوين كنظام استشفاء ذاتي من الأمراض النفسية والجسدية.

 دعونا نأخذ جولة في هذا الكتاب لنقتطف من بساتين معارفه زهور معلومات نافعة. 
 
بالبداية تناول المؤلف:

 تاريخ الكتابة

 أظهر الإنسان رغبته في الكتابة منذ العصر الحجري بواسطة النقش على الحجارة، ثم تطورت الكتابة لتأخذ شكل الأحرف في العصر السومري قبل خمسة آلاف سنة وتطورت الأدوات معها فكانوا ينحتون بالمسمار على ألواح الفخار الطري.

 أما موضوع كتابنا وهو الكتابة العلاجية فالمؤلف يقول: أنها ظهرت بالتزامن مع العلاج بالفن والعلاج بالمشي والكلام والموسيقى، وقد كان ذلك في منتصف الثمانينات، وحينئذ اقتصرت الكتابة العلاجية على كتابة المذكرات.

 
غلاف الكتابة العلاجية

ماهي الكتابة العلاجية؟

 والآن نأتي للقسم الأهم في الكتاب ألا وهو الكتابة العلاجية وتعني الكتابة للتخفيف من أثر صدمة نفسية،والهدف منها التغلب على المشكلات وإيجاد الحلول وتحقيق السعادة. 
وقد نوّه المؤلف أنه لا يوجد نموذج محدد يمكنك اتباعه عند التداوي بالكتابة؛ ولكن قدم نصائح كعلامات إرشادية يمكنك إتباعها في حال نويت التداوي بالكتابة. 


 كيف تشفيك الكتابة؟

 يجيبك الكاتب بسلسلة من الدراسات والتجارب التي أثبتت فاعلية التداوي بالكتابة، أبرزها تجربة المؤلف علي عزت بيجوفتش مؤلف كتاب "هروبي إلى الحرية" الذي كتبه المؤلف في السجن وعن تجربته كسجين.

 و هنا عزيزي القارئ تذكرتُ كتاب "الانسان يبحث عن المعنى" لفيكتور فرانكل والذي أسس مؤلفه منهج "العلاج بالمعنى"، حيث كان يواسي نفسه في سجون هتلر ويخفف من جرعات العذاب الجسدي والنفسي بالكتابة، والتي كانت عبارة عن مذكرات يدوّن فيها أحداث اليوم ويستغرق في استقراء حاله هو وباقي السجناء، وقد خَلُص نجياً من بين آلاف المساجين الذين استسلموا للموت بعد فقدان معنى الحياة، لقد قاوم فرانكل الظروف بالورقة والقلم.
 لازمتني قصة فيكتور طوال قراءتي لكتاب الكتابة العلاجية،وهي السبب لإيماني بجدوى التداوي بالكتابة.

 لنعد لمراجعة الكتاب ونستعرض كيفية العلاج بالكتابة؟

 تحت عنوان العلاقة بين المشكلة والكتابة، وضح المؤلف آلية العلاج بالكتابة فقال أننا :

  •  نتلقى الصدمة نتأثر ونبدأ بالكتابة
  •  نتمكن من فهم وتحليل مايجري
  •  فهم ماحدث يخفف تأثير الصدمة ويساعدنا على إيجاد حلول مناسبة

إذاً؛ ممارسة الكتابة تخفف التوتر وتصفي الذهن، وتخلصك من عبء المشاعر المكبوتة.

من الأمور التي أثارت إهتمامي وحماسي للبدء في جلسات الكتابة العلاجية؛ قدرة الكتابة على إستخراج كل المشاعر بما فيها القديمة مثل: الصدمات النفسية التي تحدث في الطفولة، وتستمر معاناة الفرد منها طوال حياته -مالم تُعالج- 

قدم الكتاب أيضا شرحاً مفصلًا حول أثر الغضب على الجهاز العصبي للإنسان، وكيف تظهر المشاعر المكبوتة بصورة أمراض جسدية.


لماذا الكتابة؟

يرشح المؤلف الكتابة على غيرها من الوسائل المتبعة لتخفيف التوتر والقلق مثل: التأمل، والمشي، والسفر، والفضفضة

حيث يقول المؤلف أن الكتابة تسبُر أغوار النفس البشرية؛ لأن فيها حواراً مع الذات.

والمؤلف نفسه كاتب مخضرم، وقد ذكر في المقدمة أن له تجربة في الكتابة العلاجية تجاوزت الربع قرن؛ لذلك هو متحيز للكتابة.

ربما تكون الكتابة وسيلة علاج مجدية؛ لكنها تستغرق وقتاً في التدريب والممارسة حتى يصل الفرد لنتيجة ملموسة.

وقد أسهب المؤلف في توضيح خطوات الكتابة العلاجية،وقسّم الكُتّاب لمستويات وضع لكل مستوى خطة.


فوائد الكتابة العلاجية 

الكتاب غني  بأمثلة من عينات مختلفة، من طلاب جامعة، ومراهقين، وأشخاص فقدوا عملهم فجأة وعانوا من البطالة.
وقُسمت كل فئة لمجموعة، مارس كل منهم نوعاً مختلف من الكتابة العلاجية!
وأسفرت التجارب عن نتائج متفاوتة بين من مارس الكتابة العلاجية ضمن قواعد محددة ومن مارسها بشكل عشوائي.

ومثل ماذكرت أن العلاج بالكتابة يحتاج تدريباً وممارسة،حيث  لايكفي أن تكتب وحسب؛ إذ ينبغي إتباع أسلوب محدد بالكتابة
وطالما النية موجودة للبدء فالأمر سهل؛لأن الكاتب وضع لك نقاط الانطلاق: كيف، متى، أين، ماذا أكتب؟

الكتابة العلاجية هي شكل من أشكال التحرير والتحرر.. التحرر من آلام الماضي والتحرر من الأفكار الضيقة التي رسمناها عن أنفسنا والتحرر من وجهات النظر السلبية عن أنفسنا وعن الآخرين وعن الحياة ص19 الفصل 23


أدوات الكتابة

 يحتاج الشروع في الكتابة لتهيئة ركن هادئ، ووضع جدول زمني والبدء بالكتابة بشكل دوري، ومحاولة الكتابة بخط اليد  فقد وَرَد بالكتاب أنها تنمي مهارة التركيز؛لأنها توظف عدة حواس مما يصرفك عن المشتتات.
نلاحظ أيضا أن الكلمات التي يخطها الإنسان بيده على الورق أقوى -على حد قول المؤلف- وهذا ما أعطى قيمة أكبر لرسائل الحب قديماً. 

قواعد الكتابة العلاجية

 وهي أقرب للملاحظات التي تساعدك على تحقيق الفائدة المرجوة من الكتابة العلاجية 

 

أبرز هذه القواعد: 

  • الكتابة لمدة تترواح بين 15-20  دقيقة في اليوم أو الأسبوع 
  • تحديد موضوع للكتابة يتناول حدثاً أو شعوراً أو  فكرةً تُقلقك 
  • تكرار الكتابة لمدة ٤ أيام متتالية كحد أقصى حول نفس الفكرة؛ حتى تتخلص من ثقلها.
  • أثناء الكتابة راقب أفكارك فكرة فكرة وتعرف على المشاعر المصاحبة لها، ثم حررها على الورق واسمح لها بالرحيل 

حدد أهدافك من الكتابة إضافة للفضفضة.
ماذا تريد؟
 هل تريد أن تفهم نفسك، وتفهم مايجري حولك؟ هل تريد أن تحسن علاقتك بمن حولك؟ 
لايكفي أن تسترسل بالكتابة، وتُغرق نفسك بالمشاعر التي يثيرها موضوع الكتابة.

وفي خاتمة الكتاب مجموعة تمرينات لممارسة الكتابة العلاجية خطوة فخطوة، مما يشجع قارئ الكتاب على خوض تجربة الكتابة العلاجية.

تقييم الكتاب

قدم المؤلف شرح جيد لمفهوم التداوي بالكتابة، ومثل ما ذكر أنه الوحيد الذي تناول موضوع الكتابة العلاجية في كتاب باللغة العربية.
بَسّط للقارئ ممارسة الكتابة، ووضع خطوات سهلة تُعتبر منهج لكل من يرغب في إتخاذ الكتابة عادة لتخفيف التوتر وتنظيم الحياة، أو وسيلة علاجية، أو كان كاتب محتوى يسعى لتطوير مهارته في الكتابة، واتخاذها مهنة له. 

أشعر بالحماس لتطبيق أحد تمرينات الكتابة التي وضعها المؤلف، وأنوي ممارسة الكتابة العلاجية بطريقة كلاسيكية بواسطة قلم ودفتر. 

نجح الكاتب أحمد العرفج في توضيح فكرة الكتاب؛ ولكن اعطيه 4 من 5 
لماذا؟ لأنه استهلك فصل من الكتاب في شرح طريقة تدوين القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد تجاوزتُ تلك الصفحات للبدء في صلب موضوع الكتاب. 

اسم الكتاب: الكتابة العلاجية-للمؤلف أحمد العرفج.
عدد الصفحات: ٣٧٥ 
الصنف: تطوير الذات 
تاريخ الإصدار: 2021
دار النشر: مكتبة جرير


إرسال تعليق

0 تعليقات

الرجوع للموضوع