مراجعة رواية الضفدع الناري ل ج.ك مايكلز

رواية الضفدع الناري

(رحلة إلى قلب الفكر)





تدور الرواية حول ضفدع من فصيلة بامبينا أورنتاليس من الضفادع الطينية وموطنه آسيا يمتلك قدمين سليمتين وقدمين بدون أطراف، كان تفكيره موجه لهذا العيب ويخشى أن تفوته فرص صيد الحشرات..إلى أن إلتقى بالضفدع البري العجوز الذي أثار عقله بالتساؤلات وعلمه أن هنالك عالم آخر أكبر وأكثر إثارة من الحوض الذي يعيشون فيه...

للرواية ثلاث مقدمات للأطفال والمراهقين والكبار
مقدمة الأطفال رُوية على لسان طفل مشاغب تتهمه معلمته بالشرود الذهني أثناء الدرس يقول أنه يركز في كل مايسمع ويستغرق في التفكير وكل سؤال يُطرح في الفصل يثير في رأسه عدة أمور منها: ماعدد الأجوبة المناسبة وهل جوابي سيكون مشابه لجواب طفل في دولة أخرى مختلفة هل الأجابة على سؤال محدد تختلف بإختلاف المكان والزمان؟!
في حصة الرسم سأل المعلمة كيف أصف لوناً جديد لم يسبق لأحد رؤيته؟!
المعنى خلف هذي التساؤلات هو كيف أصف تجربة حسية عاطفية مررت بها للأخرين بعض المواقف تُثير لدينا شعور غريب لانعرف كيف نوصفه.
المقدمة الثانية كانت على لسان مراهق يقول أنه يحب النوم لإن عالم الأحلام يأخذه إلى تجارب جديدة تثري حياته، هو يقصد (الأحلام الواضحة) التي يكون الإنسان فيها بحالة وعي بحيث يعلم أنه يحلم من يعيش هذي التجربة يستطيع التحكم في أحداث الحٌلم مثلاً يجرب الطيران ك عصفور  يسافر إلى المريخ ويكتشف... -الكثير تحدثو عن الحلم الواضح أنصحك بمشاهدة كيف تتحكم بإحلامك فالموضوع مثير للإهتمام-
إستغرق المراهق في تجربة الحلم الواضح لدرجة أنه بدأ يخلط بين مايرى ويفعل بالحُلم وبين اليقظة لاحظ ذلك وبدأ يتسأل إن لم يكن بإمكاني معرفة متى ينتهي حُلمي ويبدأ عالم اليقظة، فمالذي يمكنني معرفته؟!
يقول العالم ديكارت (كل مايمكننا معرفته عن العالم يجب أن يمر عبر بوابات نسميها الحواس)
ولكن الحواس تخدعنا كم مره إستيقظت من الحُلم فزعاً لإنك رأيت نفسك تسقط من مرتفع؟! إذا الحواس لاتفرق بين الحُلم واليقظة
يقول ديكارت(يمكننا معرفة الحقائق بالفكر المجرد دون إستخدام الحواس) ويذكر أن علم الرياضيات هو أداة معرفة دقيقة فهو يحتوي على كل أسرار الكون
المقدمة الثالثة والتي كتبها المؤلف للكبار
كانت تتحدث عن شاب إلتقى بمندوب مبيعات منتجاته من النوع الذي لا أحد يبحث عنه لذلك يستمرون في عرضها عليك إلى أن تقتنع إنها ستنفعك ف تشتريها، كان المندوب يتحدث في حماسة مصطنعة عن المنتج إكتشف الشاب أنه زميله بالمدرسة وبدأ بالتحدث بعيداً عن المنتج... كان لدى المندوب منتجات أكثر أهمية من تلك التي يبيعها كان مهتم بالفلسفة وأثناء تجواله يدون حكم وأفكار تحت عنوان (فلسفة الطريق) كان يحتفظ بها لعله يجد شخصا مهتما ف يعرضها عليه، يقول الشاب تبدلت نظرتي حينما عرفت أن المندوب ذو المظهر والمنتجات السخيفة هو زميلي الذي كنت أتناقش معه حول كتب الفلسفة ولديه أفكار مميزة( تأكدت حينها أن هنالك جزء من الإنسان أكثر جاذبية وأهمية من مظهره)

تكرر بالرواية ذِكر (الحافة) حافة المرتفعات حافة الرصيف حافة الأغطية المعدنية الحادة ؟!  كان هنالك تصور أن الحياة مليئة بالحافات التي لايمكن تجاهلها ولابد من إتخاذ قرار لتعامل معها، المقصود بالحافة الأحداث المصيرية بالحياة أو الأمور المثيرة للفضول أو الأشياء المزعجة،  تستطيع أن تتجاهل إتخاذ القرار والمواجهة ولكن سيظل الأمر مثل شعرة رمش عالقه بزاوية العين لاتحجب رؤيتك ولكنها تزعجك.
يتحدث الضفدع ب عن مراحل نموه وتحوله من (شرغوف) إلى ضفدع وكيف كان يراقب إختفاء الذيل وبروز الأطراف وكيف شعر حينما زحف على اليابسة أفتقد لأحضان المياه الدافئة والطعام المتوفر، عندما يجوع كل مايحتاجه السباحة إلى سطح البحيرة وإلتهام الحشرات والطحالب التي تطفو على السطح، في بداية حياته على اليابسة رأى ذباب الفاكهة يقفز حوله وإلتهم منه ولمح جراد يطير وحاول القفز ليصطاده وبعد محاولات إلتهم جرادة وأحب مذاقها الطازج والمقرمش بعدها لم يعد يرغب بالطعام المنقوع بالماء وأَحَب حياة اليابسة.
كل هذي الحياة داخل حوض في محل بيع حيوانات، أنتقل الضفدع لوصف مشاهداته عن العالم الخارجي تحدث عن حوض الثعبان المجاور وعن أقفاص العصافير التي ترفرف وتشقشق وتردد مذعورة (سأمسك بك...سأمسك بك) وعن الناس الذين يزورون المحل برفقة أطفالهم ويحدقون بالحوض وينقرون الزجاج بإصابعهم ليحثوا الضفادع على القفز يقول (إن ذلك النقر يصدر ذبذبات تنتشر في صخور الحوض وتسري في عظامه وتزعجه)
كان الحوض كبير ومليء بالصخور التي تساعد على الإختباء وبالوسط شلال ماء بجانبه صخرة مريحة يحتلها ضفدع عجوز سمع الضفدع الناري البائع وهو يتحدث عنه مع الزبائن ويقول أنه برياً تم صيده مؤخراً بمعنى أنه لم يتربى في أحواض كباقي الضفادع وهذا ما أثار فضول الناري للتعرف عليه فالحياة خارج الحوض لغز بالنسبة له....ذات يوم قفز الناري ليصطاد جرادة وعندما إبتلع نصفها إقترب العجوز منه وقال إذاً أكلت جرادتي؟ تلعثم وأعتذر وبدا في حيرة أيقدم نصفها الغير مبلل بريقه للعجوز أما يبتلعها! فقرر إبتلاعها، دار نقاش بينهم تخلّله  لحظات صمت وتحديق مربكة قال الناري إن كنت فعلاً بري ومتوحش ف أحذرك من إيذائي رد العجوز ماذا ستفعل مد الناري جسمه ورفع قدمه الناقصة في وجه العجوز فعلق ساخراً تستطيع أن تكون ملاكما فنهاية قدمك تشبه قفازات الملاكمة وضحك وشاركه الناري في الضحك وكانت هذي المرة الأولى التي يرى في أطرافه الناقصة شيء مثيرا للضحك!
سأل الضفدع الناري العجوز عن ماهية الحياة خارج الحوض ماشكل هذا العالم الذي خلف الزجاج؟ أجابه أن هنالك صخور كبيرة وشوارع يمكنك القفز بحرية أكبر فالمساحة لامحدودة ويوجد أحجام مختلفة لزنابق الماء تستطيع التمدد عليها والإستمتاع بأشعة الشمس مباشرة ولكن؛ أنت مُعرض للإفتراس من كائنات تتربص بك وتحتاج أن تكون حذر ومنتبه (لاتقلق فالحياة البرية تكسبك خبرات للتكييف وإذا داهمك الخطر إلزم (السكون)) .
تعلم الناري من العجوز أن للضفادع نوعين طيني ومائي وأن الناس يفضلون المائي بسبب جلده الأملس ولونه الأخضر وينفرون من الطيني إنهم متأثرين بأسطورة الأميرة والضفدع الذي يتحول إلى أمير عندما تُقبله!
وتعلم أن كل الحيوانات الأليفة تتمنى أن يقع إختيار الناس عليها لتتمتع برعاية خاصة فالضفدع مثلا سيعيش في حوض مستقل ويحصل على طعامه دون مشاركة ضفادع أخرى، ولكن العجوز يعتقد أن الحيوان الأليف هو من يرعى صاحبه فمن خلال تفحصه لعالم الإنسان وجد أن الناس هنا تبحث عن شيء تفتقده -دراسة غربية تقول إن إقتناء حيوان أليف يولّد الحب - حينها سأل الناري إذا كان أحد ما سيختاره وهو بقدمين فقط رد العجوز (في الحقيقة ليس لدي جواب فالناس تتخذ قرارات عديدة لم أتمكن يوماً من فهمها) في الواقع معظم قرارات الناس تتأثر بثقافة مجتمعهم مثلا لو خيرت فتاة مصرية وسعودية بين الزواج وإكمال الدراسة أكيد بتختلف قراراتهم الاولى تربت في مجتمع يهتم بالشهادة والوظيفة والثانية مجتمعها يعطي اولوية للزواج وطبعاً كل وحده بتستغرب من قرار الثانية.
في نهاية النقاش قال الناري آمل أن أمضي حياتي بهذا الحوض وأكتفي بمشاهدة العالم الخارجي رد الضفدع العجوز أحذر مما تأمل؟ لم يفهم الناري وقال أنا دائما آمل أن اصطاد أكبر الجراد قال هذي أمنية (إن الأمل قرار والأمنية مجرد فكرة مبالغ فيها ولانتأثر إذا لم تتحقق)

في يوم الإجازة تهدأ أجواء المحل لإنه مقفل وحتى الضفادع تكون خامله لإنها إلتهمت كمية الطعام المضاعفة التي وضعها البائع، يستغل العجوز حالة السكون في التجول بالحوض وصادف الناري مستيقظ فحكى له عن حياته البرية وكيف كان يقفز قفزات عالية ويتنقل بين بركتين إلى أن تم إنشاء خط سريع فصل بين البركتين يقول إن الكثير من الضفادع دُهست أثناء عبورها...وفي يوم أراد أن يعبر وفجأة ظهرت سيارة مسرعة لم يتمكن سوى أن يتحرك للمنتصف ويأمل أن تكون عجلات السيارة حوله لا عليه.


توقفت السيارة ونزلت فتاة وحملت الضفدع وقالت ما رأيك أن تأتي معي...ووضعته في صندوق وحين وصلت المنزل أحضرت حوض زجاحي ووضعت الضفدع على رف تحت نافذتها يطل على حديقة بقي سنتين تحت رعايتها إلى أن إنفصل والديها وأنتقلت الفتاة من المنزل وبطريقة ما وجد الضفدع العجوز نفسه يتنقل بين الأحواض الزجاجية سأله الناري أي حياة أفضل ولكن العجوز إحتار فكل حياة لها مميزاتها ...
باقي الرواية بدأ يتخيل الضفدع الناري حياته في حوض مستقل وطفلة لطيفة وذكية ترعاه وتتحدث معه ثم تُتاح له فرصة للهروب من الحوض فيهرب ويعيش حياة مليئة بالمغامرة... نهاية القصة يلتقي بفتاة بالسابعة عشر من عمرها تمر بحالة إكتئاب وفي يوم أخذت سيارة والدها وكانت تقود بسرعة والضفدع مختبأ بسيارتها يراقب ويسمع ماتقوله الفتاة لنفسها  قرر أن يظهر من مخبأه لمساعدتها.
تذكر الضفدع الناري قول الضفدع العجوز أن (الحيوانات تعتني بأصحابها وليس العكس)
 وقرر أن يعرض نفسه على الفتاة.... في هذا الجزء تبلغ القصة ذروتها فالناري يتخذ قرار يُعتبر نقطة تحول في حياته قرار يصرف نظره عن قدميه الناقصة للأبد...



إرسال تعليق

0 تعليقات

الرجوع للموضوع